الحديث الجامع لمكارم الأخلاق ومعجزة النبوّة
روى أحمد في ((مسنده)) والترمذي في ((جامعه)) عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال:
لمّا قدِمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المدينة، انْجَفَلَ الناسُ إليه - انجفل الناس إليه: جاؤوا إليه مسرعين والتفوا حوله- فكنتُ فِيْمَن انْجَفَلَ. قال: فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ عرَفْتُ أنَّ وجههُ ليسَ بوجهِ كذَّابٍ، فكانَ أوَّل شيءٍ سَمِعتُهُ يقول:
((أيُّها الناسُ، أفشُوا السَّلامَ، وأطعِمُوا الطعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللّيل والناسُ نِيامٌ؛ تدخلو الجنَّةَ بِسلامٍ)).- رواه أحمد في المسند (5/451)، والترمذي رقم (2485) في صفة القيامة: باب رقم (42)، وابن ماجه رقم (3251) في الأطعمة: باب إطعام الطعام، والبغوي في (شرح السنة) رقم (926)، وابن أبي شيبة (8/536) - .
* * *
ثمَّ أتاه يسأله عن أشياء فقال: يا محمد إِنِّي سائِلُكَ عن ثلاثِ خِصالٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نبيٌّ، فقال صلى الله عليه وسلم: ((سَلْ)). فقال: ما أوَّلُ أشراطِ السَّاعةِ ؟ - أشراط الساعة: علاماتها- وما أوَّلُ طعامٍ يأكُلُهُ أهلُ الجنَّةِ ؟ ومِنْ أينَ يُشْبِهُ الولدُ أباهُ وأُمَّهُ ؟!! .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد أخبَرَنِي بِهِنَّ جبريلُ آنِفَاً؛ فأمّا أوَّلُ أشراطِ الساعةِ: فنارٌ تحشُرُ الناسَ مِنَ المشرقِ إلى المغرِبِ، وأمَّا أوَّلُ طعامٍ يأكُلُهُ أهلُ الجنَّةِ فزيادةُ كبدِ الحوتِ، وأمَّا مِنْ أيْنَ يُشبِهُ الولدُ أباهُ وأمَّهُ؛ فإذا سَبَقَ ماءُ الرَّجُلِ ماءُ المرأةِ أذْكَرَ، وإذا سَبَقَ ماءُ المرأةِ ماءُ الرَّجُلِ آنثَ - آنث: أي أصبح أنثى- .))- قطعة من حديث رواه البخاري رقم (3328) في أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم وذرّيته، و(3938) في مناقب الأنصار: باب رقم (51) و (4480) في التفسير: باب قوله تعالى: ]مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ[[البقرة: 97]. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه - .
وفي رواية: ((إذا عَلاَ ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأةِ أصبحَ الشَّبَهُ لهُ، وإِذا عَلاَ ماءُ المرأةِ ماءَ الرَّجلِ أصبَحَ الشَّبَهُ لها أوْ لأخوالِهِ)) .- هذه القطعة من الحديث هي قطعة من حديث رواه أحمد في المسند (6/92) - .
((فلمَّا سَمِعَ عبدُ اللهِ بنُ سلام هذا الكلام قال: هذا هو النَّبيُّ، ثمَّ قال: أشهدُ أنْ لا إِله إِلاَّ الله وأنَّكَ رسول الله، وعند ذلك قال له: يا رسول الله الآنَ يأتيكَ الوفودُ مِنَ اليهودِ يَسألونَكَ عنِّي، فأخذهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبَّأَهُ، فجاءَ وفدٌ مِنَ اليهود، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيُكُم في عبد الله بن سلامٍ ؟ … قالوا: هو خيرنا وابن خيرنا، وعالِمنا وابنُ عالمِنا، وأفضلُنا وابنُ أفضَلِنَا، فقال لهم: ما رأيُكْم بهِ إذا أسلَمَ ؟ فقالوا: أعاذَهُ الله مِن ذلكَ .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُخرُجْ إليهم، فخرَجَ وهو يقول: أشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاّ الله، وأشهدُ أنَّ محمداً رسول الله، فقال: يا رسول الله؛ سلهم الآن عَنِّي، فقال: ما رأيُكم الآن في عبد الله بن سلامٍ ؟… فقالوا: هو شرُّنَا وابنُ شرِّنا وجاهِلُنا وابنُ جاهِلِنا.. فقال: يا رسول الله، إِنَّ اليهود قومٌ بُهتٌ كذَّابُونَ)) .
المصدر
كتاب موعظة المتّقين من هَدْي سيّد المُرسلين للعلاَّمة المحدِّث عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله تعالى