معجزة نبوية جديدة: السماء تمطر ليل نهار
في عصر الاستهزاء بالنبي الأعظم لابد أن ننصر هذا النبي الرحيم
بأن نتأمل المعجزات العلمية التي جاء بها
لتكون في هذا العصر دليلاً على صدق هذه الرسالة
وأن محمداً رسول الله.....
ما أكثر الأحاديث التي نطق بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
لتكون معجزات تشهد على نبوَّته في هذا العصر.
ومن هذه الأحاديث حديث عجيب لا يمكن لأحد أن يتنبأ به
لو لم يكن رسولاً من عند الله تعالى،
ولكن قبل عرض هذا الحديث لنقف على بعض الحقائق العلمية.
كيف كان الناس ينظرون إلى ظاهرة نزول المطر
في القرن السابع الميلادي كان المنجمون
هم وكالات الأرصاد الموثوقة بالنسبة لمعظم الناس،
وقد كانوا يظنون أن المطر ينزل بسبب وجود النجوم
في وضعية محددة فيما يسمونه بالأبراج.
وبعضهم كان ينظر للمطر على أنه رزق تتفضل به الآلهة على الناس!
وعندما جاء الحبيب الأعظم ألغى هذه المعتقدات
وأسس في عقول الناس التفكير العلمي
واعتبر أن المطر والبرق والرعد والشمس والقمر
والكسوف وغيرها ما هي آيات كونية
لا تسير إلا بأمر خالقها عز وجل.
في الحضارة الإغريقية كان الناس يعتقدون أن المطر هو غضب الآلهة!
وأن الآلهة عندما تغضب أو تنزعج منهم ترسل عليهم المطر!!
وهكذا كانت الأساطير تنتشر في كل أنحاء أوربا.
تمثال كان يمثل إله المطر قديماً،
حيث كان معظم الناس يعتقدون أن المطر ناتج عن إله يغضب
فيقذف الناس بالماء، وهذا المعتقد كان حقيقة علمية ذات يوم!
كيف ينظر العلماء اليوم إلى المطر
يؤكد جميع علماء الدنيا أن ظاهرة المطر منظمة ومعقدة
وإن تشكل حبة المطر يعتمد على قوانين فيزيائية محكمة.
ولكن الشيء الجديد الذي كشفته الصور الملتقطة
بالأقمار الاصطناعية للأرض، أن المطر ينزل بشكل دائم
في مناطق متفرقة من الكرة الأرضية.
فعندما نتأمل الكرة الأرضية من جوانبها نلاحظ أنها مغطاة بالغيوم
في معظم أجزائها، ويقول العلماء في كل ثانية
هناك مئة ومضة برق تحدث في العالم،
والبرق مرتبط بنزول المطر غالباً،
ولذلك فإن الحقيقة العلمية الثابتة
أن المطر ينزل باستمرار في أمكنة مختلفة من الأرض.
هذه صورة الأرض كما نراها من الخارج،
نلاحظ بأن الغيوم تغطي أجزاء كبيرة من الغلاف الجوي،
ويؤكد العلماء أن السماء تمطر في كل لحظة ليلاً ونهاراً،
فلا يتوقف المطر أبداً خلال السنة،
ولكن هذه الأمطار تنزل في مناطق متفرقة وتتوزع بنظام
يشهد على عظمة وإبداع الخالق عز وجل.
فأجزاء الكرة الأرضية تتبادل الفصول الأربعة،
فعندما يكون النصف الشمالي من الأرض في فصل الصيف،
يكون النصف الجنوبي يمر في شتاء وأمطار، والعكس صحيح،
أي أنه لا توجد ساعة من الليل أو النهار إلا والسماء تمطر،
وتذهب معظم الأمطار في البحار، هذه حقيقة علمية.
ماذا يقول النبي عن ظاهرة المطر
كلما أبحرتُ في أقوال الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام
وجدتُ معجزات لا تنقضي وعجائب لا تنتهي،
قال عليه الصلاة والسلام: (ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء تمطر فيها
يصرفه الله حيث يشاء) [رواه الحاكم].
إن هذا الحديث يؤكد على حقيقة علمية
وهي أن المطر ينزل بشكل دائم طيلة الليل والنهار،
وهذا ما نراه يقيناً اليوم بالأقمار الاصطناعية.
ماذا يقول المفسرون عن هذه الظاهرة
يقول تبارك وتعالى:
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ
وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا
وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا
فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) [الفرقان: 48-50].
جاء في تفسير البغوي: قوله عز وجل:
(وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ) يعني: المطر، مرة ببلدة ومرة ببلد آخر.
قال ابن عباس: (ما من عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه في الأرض)
وقرأ هذه الآية. وهذا كما روي مرفوعًا:
(ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء تمطر فيها
يصرفه الله حيث يشاء) [رواه الحاكم].
وذكر ابن إسحاق وابن جريج ومقاتل وبلغوا به
وابن مسعود يرفعه قال:
(ليس من سنة بأمطر من أخرى، ولكن الله قسم هذه الأرزاق،
فجعلها في السماء الدنيا، في هذا القطر ينزل منه كل سنة
بكيل معلوم ووزن معلوم، وإذا عمل قوم بالمعاصي
حول الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعًا
صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار) [رواه الحاكم].
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعيش في بيئة صحراوية،
ولم يكن لديه أقمار اصطناعية ولا نشرات أرصاد جوية
ولا أجهزة تصوير، ولم يكن هناك أي وسيلة للتنبؤ
بأن الأمطار مستمرة ليلاً نهاراً، فلو كان يتكلم من تلقاء نفسه
لأقرَّ قومه على معتقداتهم ليحظى بتأييدهم،
ولكنه لم يأت بكلمة واحدة من عنده،
ولذلك نتساءل:
من الذي أخبره بحقيقة علمية
لم تنكشف إلا بعد مئات السنين،
وما الذي يدعوه للحديث عن مثل هذه الحقيقة؟
ألا ترون معي بأن النبي قد أخبر بهذه الحقيقة
لتكون ردّاً بليغاً على الذين يستهزئون بخير إنسان عرفته البشرية؟
وجه الإعجاز
1- تناول الحديث الشريف حقيقة علمية
لم تكن معروفة في زمن النبي عليه الصلاة والسلام،
وهذا يثبت صدق النبي الأعظم وأنه لا ينطق عن الهوى.
فقد أوجز في كلمات قليلة وبليغة حقيقة علمية كبيرة
عندما قال: (ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء تمطر فيها
يصرفه الله حيث يشاء)،
تأملوا معي كيف يفهم هذا الخطاب كل الناس من الأعرابي البسيط
إلى العالم المتخصص!
2- تحدث النبي عن مسألة مهمة وهي حقيقة تصريف ماء المطر بقوله:
(يصرفه الله حيث يشاء) والعجيب أن هناك مراجع علمية
عن أنظمة تصريف الماء على الأرض من خلال ما يسمى بدورة الماء.
ويؤكد العلماء أن هناك معدلات شبه ثابتة سنوياً
لهطول كميات المطر، ولتوزع هذا الماء على الأرض
على شكل أنهار ومياه جوفية وبحيرات مالحة وعذبة وغير ذلك.
3- العجيب أن أحداً لم ينكر على النبي قوله هذا،
على الرغم من وجود المعارضين له بكثرة في حياته وبعد موته!
لأنهم ببساطة وهم يعيشون في صحراء ربما لا تمطر السماء لسنوات،
يمكن أن يقولوا له: كيف ذلك ونحن لا نرى المطر إلا قليلاً!
وهذا من الإعجاز أيضاً.
4- من إعجاز هذا الحديث أن الله حفظه لنا طوال 1400 سنة من التحريف، وعلى الرغم من أنه يخالف الحقائق السائدة لمئات السنين
إلا أن المسلمين حافظوا على هذا الحديث وصدقوا نبيهم،
وهذا يثبت أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول من عند الله.
5- سؤال لا نجد له تفسيراً عند أي ملحد
ممن ينكرون نبوة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم:
ما الذي يدعو النبي إلى الحديث في حقيقة علمية
لم تكن معروفة ولن تقدم له شيئاً!!
بل إنكم أيها الملحدون تقولون إن النبي كان يريد الشهرة
ولذلك ألَّف القرآن،
ونقول: لماذا ذكر هذا النبي الرحيم الكثير من الحقائق العلمية
ولم يذكر أشياء تخصه مثلاً لو كان يريد المجد والسلطة!!
نسألك يا الله أن تهدينا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك،
إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
أهمية الجبال في نزول الأمطار
قبل أربعة عشر قرناً كان الإنسان ينظر إلى الغيوم والمطر
كظاهرة غريبة ترتبط بالآلهة، فكان الناس يلجؤون إلى الطقوس
والتوسل بالآلهة لتنزِّل عليهم المطر من السماء،
وكان الناس في أوربا ينظرون إلى المطر أنه رزق تسوقه الآلهة لهم!
ولكن عندما جاء الإسلام أنار لنا الطريق وصحح هذه الأفكار
والأساطير الخاطئة، وتحدث عن المطر كظاهرة علمية بحتة،
ولكن الله تعالى الذي خلق الكون وخلق كل شيء
هو الذي قدَر ووضع القوانين الخاصة بنزول المطر،
فقال في آيتين عظيمتين مؤكداً وجود قوانين دقيقة
تحكم هذه الظاهرة وعبر عن ذلك بكلمة (قدر)
أي قانون إلهي وسنة كونية:
(وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ
وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: 18].
وقال أيضاً:
(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا
كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) [الزخرف: 11].
وهذا يعني أن القرآن أول كتاب يضع أساساً علمياً
لظاهرة نزول المطر، ويبعد الخرافات والأساطير عن عقول الناس.
ولكن هناك أمر مهم اكتشفه العلماء
وهو دور الجبال في تشكل الغيوم ونزول المطر،
فالجبال تشكل جزءاً مهماً من البيئة الأرضية
لها دور في الكثير من الظواهر وقد يكون
أهمها الغيوم والأمطار.
فعندما تسوق الرياح ذرات الماء المتصاعدة من البحار
تساهم الجبال في رفعها وتوجيهها للأعلى، تماماً
مثل سباق التزلق على الجليد حيث نلاحظ أن المتزلق
يحاول السير على الجليد حتى يصل إلى مرتفع
فيصعد على هذا المرتفع فتزداد سرعته ويقفز في الهواء
ويرتفع لمسافة كبيرة، ومن دون هذا المرتفع
لا يمكن له أن يرتفع في الهواء.
دائماً هناك علاقة بين الجبال والغيوم،
فنرى أن قمم الجبال تكون مغطاة بالغيوم معظم أيام السنة،
وذلك بسبب تصميم الجبال الذي يعمل كمصد للهواء
ينزلق على سطحه ويساهم الشكل الانسيابي للجبل
في تسريع تيارات الهواء المحملة ببخار الماء،
ويساهم في تبريدها وتشكل الغيوم.
وهنا تتجلى حقيقة علمية كشفت عنها البحوث الحديثة،
فالجبال لها دور مهم في تشكل الغيوم ونزول المطر.
حتى إن أعذب المياه وأنقاها نجدها في تلك الجبال الشامخة.
فقد رصد العلماء حركة الرياح وهي تحمل ذرات بخار الماء
من سطح البحر. هذه التيارات الهوائية تبدأ بالحركة الأفقية
حتى تصطدم بالجبال وهذا يؤدي إلى تغيير مسار الرياح
باتجاه الأعلى، لذلك نجد أن قمم الجبال العالية
تتجمع الغيوم حولها وتغطيها الثلوج طيلة أيام السنة تقريباً.
إذن كلما كان الجبل أكثر شموخاً وارتفاعاً
أدى ذلك لتجمع كمية أكبر من الغيوم ثم نزول المطر
أو الثلج ثم ذوبان هذا الثلج وتسرُّبه عبر طبقات الجبل
ومسامه حتى تتفجر الينابيع شديدة العذوبة.
نلاحظ أن الينابيع غالباً ما تتشكل بالقرب من الجبال،
ويؤكد العلماء أن الماء الذي ينبع من قرب الجبل يكون نقياً
ومستساغ المذاق، وهذا ما حدثنا عنه القرآن في قوله تعالى:
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً) [المرسلات: 27].
والفرات أي المستساغ المذاق.
إن مياه الينابيع هذه والتي جاءت من الجبال العالية
خضعت لعمليات تصفية متعددة.
وكما نعلم من محطات معالجة المياه:
كلما مرَّت المياه عبر مراحل تصفية (فلترة)
أكثر كلما كان الماء أنقى.
وفي حالة الجبال التي ترتفع عدة كيلومترات،
تعمل هذه الجبال كأفضل جهاز لتنقية المياه على الإطلاق.
لولا الجبال لم نتمكن من شرب قطرة ماء!
قد يكون هذا الكلام غريباً ولكن الحقيقة أن للجبال دور مهم
في المناخ حيث تلعب دوراً أساسياً في تشكل الغيوم،
والغيوم طبعاً مسؤولة عن هطول المطر،
ثم إن الجبال تساهم في تشكل الثلوج،
ومن ثم وبعد ذوبان هذه الثلوج تساهم الجبال
بفعل تصميمها الداخلي (طبقات الصخور)
في تنقية هذا الماء المذاب.
ويؤكد العلماء أنه لا يمكن للإنسان مهما بلغ من التقدم العلمي
أن يقلِّد هذه العمليات التي تتم عبر الجبال.
وهنا يأتي القرآن ليتحدث عن تنقية المياه ودور الجبال العالية
في ذلك، يقول تعالى:
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً) [المرسلات: 27].
ففي هذه الآية الكريمة ربط المولى جل جلاله بين الرواسي الشامخات
وهي الجبال العالية وبين الماء الفرات وهو شديد العذوبة.
وهنا لا بُدَّ من وقفة:
من كان يعلم في ذلك الزمان الدور المهم للجبال
في إنزال المطر وتنقية المياه؟
هناك علاقة أخرى بين نسبة ارتفاع الجبل وبين كمية الماء الهاطل
أو المتدفق من الجبل، فكلما كان الجبل أعلى
كانت كمية الماء أكبر بل وأكثر نقاوة وكان مذاقها أطيب،
ولذلك فقد ربط القرآن بين الرواسي الشامخات وهي الجبال العالية
فقال (رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ)، وبين الماء الفرات وهو الماء المستساغ
المذاق والطيب الطعم، يقول تعالى: (مَاء فُرَاتاً)!
وهكذا لو تتبعنا آيات القرآن كلها لم نجد أي اختلاف أو تناقض،
بل جميع نصوص القرآن جاءت محكمة ومتفقة
مع معطيات العلم الحديث،
أليس هذا دليلاً ملموساً على أن القرآن كتاب الله تعالى؟يتبــع