ا
فالمعنى الأول للمبدئ .. هو المبدع . أي خلق على غير مثالٍ سابق .
المعنى الثاني للمبدئ .. هو الذي بدأك بالإحسان فأوجدك ، المعنى الثالث .. هو الذي أظهرك ، فقد كنت في حيِّز العدم أي عدماً فأظهرك .
وقال بعض العارفين بالله : " المبدي هو الذي يقذف في قلب عبده النور فيشرق "، أي كان إنساناً خاملاً تافهاً بعيداً ، ضائع شارد ضال ، فلمَّا ألقى في قلبه النور إنتبه وصار شيئاً مذكورا ، فالله عزَّ وجلَّ يرفع الإنسان ويسمو به ،
لمبدىء لغويا بمعنى بدأ وابتدأ ،والأيات القرآنية التى فيها ذكر لاسم المبدىء والمعيد قد جمعت بينهما ، والله المبدىء هو المظهر الأكوان على غير مثال ، الخالق للعوالم على نسق الكمال ، وأدب الأنسان مع الله المبدىء يجعله يفهم أمرين أولهما أن جسمه من طين وبداية هذا الهيكل من الماء المهين ، ثانيهما أن روحه من النور ويتذكر بدايته الترابية ليذهب عنه الغرور
قال تعالى:
"قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ " .... : بدأكم ... تعودون ، .
في هذه الآية وردت الإشارة إلى اسم الله المبدي وإلى اسم الله المعيد ،
قال تعالى:
{إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ .. "4"} (سورة يونس)
هو الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلي الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلي الحياة. يقول الحق سبحانه:
{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "28"} (سورة البقرة)
ويقول جل علاه:
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى "55"} (سورة طه)
وفي اللغة يقال: فلان ما يبدئ وما يعيد، إذا لم تكن له حيلة. وقال تعالى:
{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ "104"} (سورة الأنبياء)
فالله جلت قدرته منه البداية وإليه النهاية.
)
فكل شيء مخلوق له بداية وله نهاية، والذي يملك البدء والإعادة هو القادر على الإحياء والإماتة؛ لأن الدنيا أعمار، وفيها معمرون، ومادامت الدنيا تنتهي بالآخرة، فكل شيء له نهاية وله بداية. يقول الحق سبحانه:
{كل من عليها فانٍ "26"} (سورة الرحمن)
وفي سياق الآيات سالفة الذكر نلمح ما يلي:
(وكنتم أمواتاً) أي: عدماً (فأحياكم) وهذه بداية.
الخالق هو الأول قبل كل شيء بلا بداية، والباقي بعد فناء كل موجود بلا نهاية. وكل حركة في الكون بما فيه ومن فيه لها بدء ولها نهاية، والكل مملوك لله، فهو الفعال لما يريد، وهو على كل شيء قدير.
:
(